راشد الشراكي |
أكد النائب السابق ومرشح الدائرة الثانية خليل الصالح إن تصويب مسارات الحكومة ومواجهة عشوائية قراراتها يتطلب تشكيل كتلة ضاغطة لحماية المواطن مشددا على تمسكه بالتصدي لقرار رفع أسعار البنزين بسيف التشريع عبر إعادة تقديم مقترحه الذي تبناه خلال المجلس الفائت.
وشدد الصالح في حوار مع القبس على أنه لا يوجد وطني يرفض إصلاح الوضع الاقتصادي إلى أن الإصلاحات المبتورة والمجتزأة لا تقود البلاد إلا لمزيد من الأزمات وتعمق معاناة المواطن.
وكشف عن «أجندة تشريعية وطنية سأتبناها يأتي في مقدمتها إنشاء صندوق وطني لتأمين مستقبل الشباب»، مؤكدا إن زمن المحسوبيات وغياب العدالة في تعيينات المناصب القيادية والوظائف يجب أن ينتهى.
واعتبر أن عودة المقاطعين إلى السباق الانتخابي رجوع إلى الحق، مؤكدا أن تحديات المرحلة المقبلة تتطلب أيادي ممدودة وقلوبا مفتوحة حتى نصل بالبلاد إلى بر الأمان.
وفي ما يلي نص اللقاء الاتي:
● نبدأ من حيث انتهى المجلس، هل تعتقد أن أزمة رفع أسعار البنزين كان من الممكن تجاوزرها؟
ـ قضية أسعار البنزين كانت أحد مؤشرات عدم التعاون الحكومي مع البرلمان، فضلا عن كون قرار الحكومة برفع أسعاره جاء عشوائيا وارتجاليا ودون دراسة، إضافة إلى أنه جاء مخالفا لالتزامها أمام المجلس بتعويض المواطنين بشكل يدفع أي أضرار مباشرة أو غير مباشرة عليه جراء أي زيادة في الأسعار مع تشديد الرقابة على أسعار السلع، ولم نكن لنقبل بحال من الأحوال مثل هذا القرار، الذي طال جيب المواطن بشكل مباشر، في ظل تواصل استنزاف المال العام بسبب مكامن الهدر والخلل في الميزانية وخسارة قضايا الدولة وعدم تحصيل أموال الدولة لدى الغير.
المنتوجات النفطية
● هل كانت الاستجوابات هي الحل الأنسب؟
ـ قرار الحكومة برفع أسعار البنزين كان مفاجئا للجميع وكان من البديهي أن تتفاوت ردود الأفعال النيابية بشأنه، فالبعض تبنيى عقد دورة طارئة، وآخرون قرروا مساءلة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح، وكنت أول من تبنى حل القضية بسيف التشريع، حيثت تقدمت مع مجموعة من الزملاء باقتراح بقانون يغل يد الحكومة عن رفع أسعار المنتوجات النفطية ويوجب عليها الرجوع إلى مجلس الأمة.
كنت ومازلت مع استخدام كل الأدوات الدستورية التي تحمي المواطن من القرارات الحكومية غير المدروسة وفي مقدمتها زيادة أسعار البنزين، وهذه الغاية بحاجة إلى تشكيل قوى نيابية ضاغطة لا سيما في ظل التوجهات المعلنة خلال المرحلة المقبلة، وسأعيد تقديم المقترح بقانون مرة أخرى في المجلس المقبل إن حالفني التوفيق وشرفني أهالي الدائرة بتمثيلهم، وباعتقادي أن قطع الطريق أمام تغول الحكومة وتكرار سيناريو رفع اسعار المحروقات يتطلب إقرار المقترح الذي تبنيناه حتى لا تنحصر الأدوات النيابية في هكذا حالات في ردود الأفعال.
ولا أدل على ذلك، من منع الحكومة من رفع اسعار الكهرباء على السكن الخاص، لأن الأمر كان يتطلب تصويت المجلس، وهو الأمر الذي نسعى إلى تحقيقه في قضية المحروقات والمنتوجات النفطية.
استحقاقات اقتصادية
● لكن هناك استحقاقات اقتصادية وتحديات يجب أن يساند البرلمان الحكومة من أجل مواجهتها؟
ـ لا خلاف على أن التحديات الاقتصادية تتطلب خطوات عاجلة لإصلاح اختلالات الوضع الاقتصادي، إلا أن المعالجات المطلوبة يجب ألا يدفع المواطن ثمنها، كما أنه لا يمكن القبول بإصلاحات مبتورة قصيرة النظر لأنها ستعمق أزمات الوطن والمواطن، وعلى الحكومة أن تفسر عجزها عن وقف الهدر في الميزانية وتأخرها في تنفيذ المشاريع التنموية النهضوية وتحقيق العدالة في ملف الرواتب.
● كيف ترى عودة المقاطعة إلى الانتخابات البرلمانية؟
ـ عودة المقاطعين أو من أسميهم « السياسيين التائبين» هي عودة متأخرة إلى جادة الصواب، ولا شك أن هذا القرار الذي وصل إليه المقاطعون للانتخابات يثبت صحة مواقفنا، خصوصا بعد أن حصنت المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد، والعمل البرلماني يحتاج إلى كل من يريد أن يعمل لمصلحة الوطن والمواطن بعيدا عن احتكار الحقيقة وإقصاء الآخر ونهج التخوين.
● كنائب سابق خضت الانتخابات عبر نظام الصوت الواحد هل تعتقد أن أجندة النواب في المجلس المقبل ستتغير مع مستجدات المشهد السياسي؟
ـ لا شك أن متغيرات المشهد السياسي ستنعكس على مسارات العمل البرلماني في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والإقليمية الراهنة، وعلينا أن نتبنى أجندة وطنية خالصة تستطيع تحقيق التوازن بين حقوق المواطن وحماية مكتسباته وبين مستقبل الوطن، ومن هنا انطلقت بشعار حملتي الانتخابية «أمانة وطن… مستقبل مواطن».
وأعكف على إعداد حزمة من التشريعات ذات المردود الاقتصادي على المواطن، فضلا عن تقديم معالجات لعدد من القضايا الرئيسية التي يعاني منها الشعب الكويتي وفي مقدمتها مشكلة الإسكان والصحة والتعليم والتركيبة السكانية، وسأعمل على إنجاح هذه المشروعات بما ينعكس إيجابا على أرض الواقع.
● ما الجديد الذي يمكن أن تقدمه على المستوى التشريعي بالإضافة إلى إعادة تبني قانون وقف «أسعار البنزين»؟
ـ الأجندة التشريعية التي أعتزم تبنيها خلال المجلس المقبل ترتكز على محاور عدة منها ما هو اقتصادي وآخر مرتبط بالاستقرار الأمني، لكن المشروع الطموح الذي أعتبره نقطة انطلاق في تلك الأجندة، وسيتم تقديمه فور وصولي الى مجلس الامة، يتمثل في إنشاء الصندوق الوطني لدعم الشباب.
ويهدف هذا المقترح إلى تأمين مستقبل الأجيال المقبلة عبر تخصيص أسهم تحفظ للشباب في شركات المساهمة المختلفة، واي جهات أو هيئات يتم تخصيصها في المستبقل، بحيث ان القاصرين منهم يحصلون على قيمة أسهمهم من خلال الصندوق بعد سن الرشد.
وينص هذا القانون على ان تدار هذه الاموال وتستثمر من خلال اجهزة مالية خاصة.. وبالتالي ريعها يرجع الى الأجيال القادمة بعد وصولهم للسن القانونية، ويرمي هذا المشروع الى تحصين ابناء الكويت لمواجهة المستقبل والعمل على ان يكونوا في مأمن من التحديات المقبلة وخاصة الاقتصادية منها.
أين المشكلة؟
● لكن هناك تشريعات كثيرة قدمت في ولا يزال الحراك التنموي يراوح مكانه؟
ـ مجلس الأمة مهمته الدفع بالتشريعات والرقابة على الأداء التنفيذي للحكومة، والمشكلة الحقيقية في عقلية الحكومة وغياب الرؤى الاستراتيجية لديها والتعامل بسياسة ردود الأفعال، وهذا لا يعني أن نيأس من إصلاح الأوضاع، والهدف من إطلاق حزمة التشريعات التي أعتزم تقديمها هو دفع الحكومة إلى تعديل مساراتها في التعامل مع القضايا الحيوية.
ويمكن أن نضرب مثلا على سوء علاجات الحكومة لقضية الوظائف الإشرافية، فبدلا من أن تعتمد معايير عادلة تؤسس إلى تولية هذه المناصب للعناصر الكفوءة والمستحقة، كلفت إدارة الفتوى والتشريع بإعداد مسودة مشروع حكومي بشأن ضوابط ترقيات الموظفين في الجهات الحكومية تفتح الباب أمام تعميق أزمة المحسوبيات في تعيين الوظائف الإشرافية.
ولقد تصديت لهذا المشروع، الذي يعطي الحق للمسؤولين الحاليين في الجهات الحكومية بالتحكم في مصير قياديي الوظائف الإشرافية عبر تقارير يضعها هؤلاء المسؤولون.
التأمين الصحي
● تبنيت قانون التأمين الصحي للمتقاعدين، فما تعليقك على الانتقادات التي وجهت للقانون؟
ـ لا يختلف إثنان على ضرورة رد الجميل لفئة المتقاعدين التي بذلت عمرها في خدمة هذا البلد، ومن هذا المنطلق دفعنا بقانون التأمين الصحي للمتقاعدين، وهو من القوانين الرائدة التي ستخلق نقلة نوعية في الخدمات الصحية في الكويت، وهذا القانون يمنح لكل متقاعد مسجل لدى التأمينات الاجتماعية «كارت» تأمين صحي يتيح له دخول أي مستشفى خاص في الكويت ضمن المستشفيات المدرجة ضمن القانون والاستفادة من خدماتها. كما يمنح المواطن أحقية العلاج بدءا من الفحوصات وانتهاء بإجراء العمليات.
أما الحديث عن جوانب نقص في القانون من عدمه، فهذا إن كان صحيحا، فمن الممكن تداركه بتعديلات تحسن من فعالية هذا القانون، وكثير من القوانين يتم تعديلها، لكن الخدمات التي يوفرها القانون الحالي لا شك هي نقلة نوعية في الخدمات الصحية المقدمة للمتقاعدين بشهادة أصحاب الاختصاص.
العلاقة بين السلطتين
أوضح خليل الصالح أن العلاقة بين السلطتين غلب عليها التعاون، وإن كانت لم تخل من حالات من الشد والجذب، حيث شهد المجلس تقديم 20 استجوابا قبل أزمة البنزين إضافة إلى الاستجوابين الأخيرين المقدمين قبيل حل المجلس بأيام.
وأضاف: استطاع المجلس أن يقر 113 تشريعا تطال أكثر من مجال، وكان لي الشرف أن تبنيت عددا منها مع مجموعة من الزملاء من بينها قانون التأمين الصحي للمتقاعدين الذي دخل حيز التنفيذ ومكافأة نهاية الخدمة. ومن بين القوانين التي أقرها المجلس قانوني حق الأفراد في اللجوء إلى المحكمة الدستورية وديوان حقوق الإنسان، وهذه تعتبر من القوانين النوعية، وكذلك قانون الشركة الثانية للمواشي.
وتابع {هناك تشريعات اقتصادية مثل قانون المناقصات العامة الذي تأخر انجازه لسنوات طويلة منذ عام 1999، وكذلك قانون الوكالات التجارية وقانون الشركات التجارية، وكذلك إقرار حزمة من القوانين المرتبطة بالرعاية السكنية، وأهمها قانون إشراك القطاع الخاص}.
وذكر ان المجلس أخر قانون مكافأة نهاية الخدمة الذي يخدم جميع المواطنين، حيث كانت مكافأة نهاية الخدمة محددة لبعض المهن مثل المعلمين والمهندسين وعمال النفط، وجاء هذا القانون ليكرس مبدأ العدالة الموجود في الدستور، بحيث يكون لجميع المواطنين مكافأة نهاية الخدمة.