اعتبر أستاذ القانون العام في جامعة الكويت، د. عادل الطبطبائي، أن الحكم المرقم 5256/ 2016 إداري/ 10، الصادر في 3 نوفمبر الجاري، وأجاز لأفراد الأسرة الحاكمة الترشح للانتخابات العامة، يشكل خطورة بالغة على استقرار النظام الدستوري في البلاد.
وقال الطبطبائي، في دراسة، بعنوان: «المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي ملزمة إزاء الدستور ومتممة لأحكامه»، إن ذلك الحكم يلغي، دون قصد حتماً، العديد من القواعد والمبادئ الدستورية المستقر العمل بها، وفقاً لأحكام المذكرة التفسيرية للدستور، مما يفتح المجال واسعاً للعديد من التساؤلات، التي تفت في عضد النظام الدستوري المستقر، الذي لم يشكك أحد في دستوريته وشرعيته المستمدة من المذكرة التفسيرية للدستور طوال السنوات السابقة، الممتدة من عام 1963 إلى حين صدور الحكم المشار إليه.
أكد د. عادل الطبطبائي أن القيد الوارد في المذكرة التفسيرية للدستور الخاص بمنع أفراد الأسرة الحاكمة جميعاً من الترشيح للانتخابات العامة له ظروفه الدستورية والسياسية الخاصة بالدستور الكويتي.
وأوضح: من المعروف أن الكويت تتبنى نظام المجلس البرلماني الواحد، في حين أن هناك الكثير من الدساتير الملكية تتبنى نظام المجلسين، فيكون هناك مجلس للنواب منتخباً، وآخر للشيوخ أو الأعيان معيناً، والهدف الأساسي من وراء وجود المجلس الثاني هو السماح لأفراد الأسرة الحاكمة بالمشاركة في شؤون الحكم والسياسة عن طريق تعيين البعض منهم في مجلس الشيوخ أو الأعيان، مع اقتران ذلك بالمبدأ الذي تنص عليه عادة الدساتير الملكية من عدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة لأنفسهم بالانتخابات العامة.
وأشار إلى أن المشرّع الدستوري الكويتي، مراعاة منه لأوضاع الكويت، من حيث صغر حجمها وقلة عدد سكانها، بما لا يسمح بوجود مجلس ثان معين في السلطة التشريعية، إلى جانب المجلس المنتخب (مجلس الأمة)، اضطر إلى أن يخرج على الأصول البرلمانية المتعارف عليها بهذا الشأن، وأن يقرر أن الوزراء يمكن اختيارهم من داخل مجلس الأمة ومن خارجه، ليفتح المجال أمام إشراك أفراد الأسرة الحاكمة في التمرس في الحياة السياسية، مع اقتران كل ذلك بالنص على أن الوزراء يعتبرون أعضاء في مجلس الأمة ــ بحكم مناصبهم ــ مع ملاحظة أن المشرّع الدستوري أغفل أن ينص في صلب الدستور على القيد الخاص بعدم جواز ترشيح أعضاء الأسرة الحاكمة لأنفسهم في الانتخابات، مكتفياً في ذلك بما سيورده في شأن هذا الأمر بالمذكرة التفسيرية للدستور، التي يراها متممة لأحكام الوثيقة الدستورية.
تجريح سياسي
ومضى الطبطبائي موضحاً في دراسته أن المذكرة التفسيرية جاءت لتذكر عدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة لأنفسهم بالانتخابات العامة، نأياً بهم عن التجريح السياسي، الذي قلما تخلو منه أي انتخابات، طالما كان بالإمكان تحقيق نفس الغاية من وراء إشراكهم في الانتخابات البرلمانية، وهو الوصول إلى مقاعد البرلمان والمشاركة في الحياة السياسية، عن طريق تعيينهم وزراء، واعتبار الوزراء، بعد ذلك، أعضاء في مجلس الأمة بحكم مناصبهم.
وشدد على ان هذه القاعدة الواضحة والصريحة بعدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة جميعاً لأنفسهم في الانتخابات العامة، أنكرها الحكم الإداري المشار إليه، مسقطاً لمبدأ دستوري مستقر طوال 55 عاماً من تطبيق أحكام الدستور وما يتممه من أحكام بالمذكرة التفسيرية.
وتابع الطبطبائي في دراسته: مع كل تقديرنا واحترامنا للمحكمة التي أصدرت الحكم المشار إليه، فإننا نختلف مع حكمها جملة وتفصيلاً لمخالفته أحكام الدستور والعرف الدستوري المستقر، والممارسات الدستورية التي استمدت حكمها من المذكرة التفسيرية للدستور، وأخيراً إجماع الفقه الدستوري في الكويت على التزامه بهذه المذكرة.
حيثيات الحكم
واستعرض الطبطبائي حيثيات الحكم الإداري الذي أباح لأفراد الأسرة الحاكمة الترشيح للانتخابات العامة، قائلا: انطلقت المحكمة الإدارية من حيثيات حكمها لتقرر اباحة الترشيح لأفراد الأسرة الحاكمة، إذ جاء في حكمها محل النقاش ما يلي:
«لما كان هذا النوع من الحقوق الدستورية ـــ وتقصد حق الترشيح ـــ لا يجوز المساس به إلا بموجب نصوص قاطعة الدلالة، منصوص عليها في مواد الدستور أو في قانون الانتخابات، أما أنه قد جرى الاستناد الى المذكرة الايضاحية للدستور، وحرمان المدعي من الترشيح، ولما كانت المذكرات الايضاحية توضع لإيضاح مفاهيم النصوص وحقيقة قصد الشارع منها، فإنها لا تتمتع بنفس قوة الطابع الملزم، لما تتمتع به النصوص الدستورية الصريحة، وإن مرت هذه المذكرة بإجراءات التصديق عليها من قبل المجلس التأسيسي، لأن المشرع الدستوري لو أراد ذلك لنص عليه، خاصة أن المذكرة الايضاحية مع التسليم بقوتها التي لا تصل إلى سقف قوة النصوص الدستورية قد ذكرت عبارة «لما هو معروف من عدم جواز ترشيح أنفسهم بالانتخابات» ذكر كلمة «معروف» تعني من المتعارف عليه بين أفراد الأسرة الابتعاد عن ترشيح أنفسهم، أما وان أراد أحدهم مخالفة هذا العرف فإنه لا يوجد سبيل لمنعه من الجانب القانوني الصرف».
مبررات وحقائق
ورأى الطبطبائي أن هذه المبررات التي ساقها الحكم لا تصمد أمام الحقائق الدستورية الثابتة، فضلاً عن تناقضها تناقضاً يؤدي إلى بطلان الحكم، وبيان ذلك على النحو التالي:
1ــــ تذكر المحكمة أن حق الحرمان من الترشيح يجب أن يذكر في نصوص الدستور ذاته أو في قانون الانتخابات، وهذا يعني أن الحكم يساوي قانون الانتخابات، وهو قانون عادي، بالدستور الذي هو في قمة الهرم القانوني في الدولة ونخضع لأحكامه جميع القوانين، بما فيها قانون الانتخابات ذاته، وهي نتيجة غريبة لم يقل بها أحد، فهل يجوز، وفقاً لمنطق الحكم أن يورد قانون الانتخابات حكماً بحرمان أحد من أحد الحقوق، بينما يسكت الدستور عن ذلك، طالما أن ذلك جائز في نظر الحكم، وهو أمر لا يمكن التسليم به قطعاً؟
2 ــــ يعترف الحكم محل النقاش بأن المذكرة التفسيرية للدستور لها قوتها وأنها مرت بنفس إجراءات التصديق على الدستور، ومع ذلك يعود وينكر عليها قوتها الملزمة، والسؤال المنطقي الواجب طرحه هنا: لماذا أخضع المشرع الدستوري، إذن المذكرة التفسيرية للدستور لنفس إجراءات التصديق على الدستور، لو لم يكن يقصد منحها ذات قوته الملزمة؟ إذ يصبح من العبث الدستوري أن يخضعها لنفس إجراءات التصديق على الدستور، ثم يحرمها من قوتها المساوية للدستور.
3 ــــ يفسر الحكم محل النقاش عبارة «معروف» الواردة في المذكرة التفسيرية بأنه يقصد بها تعارف أفراد الأسرة الحاكمة على عدم ترشيح أنفسهم بالانتخابات، ووجود عرف بينهم بشأن هذا الأمر، ولو أراد أحدهم مخالفة هذا العرف «كذا» فلا شيء يمنعه من الناحية القانونية.
وهذا الاستنباط من الحكم محل نظر، لأن عبارة المذكرة التفسيرية للدستور تجري على النحو التالي «ايراد هذا الحكم الخاص بتعيين وزراء من غير أعضاء مجلس الأمة مع تعمد ترك ما تتضمنه الدساتير الملكية عادة من نص على أن (لا يلي الوزارة أحد أعضاء البيت المالك) أو (أحد من الأسرة المالكة) يؤدي إلى جواز تعيين أعضاء الأسرة الحاكمة وزراء من خارج مجلس الأمة، وهذا هو الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم نظراً لما هو معروف من عدم جواز ترشيح أنفسهم في الانتخابات)، فعبارة «لما هو معروف» لا تنسب إلى أفراد الأسرة الحاكمة في الكويت وحدها، وإنما تنسب كما هو واضح من صراحة العبارة إلى الأسر الملكية عامة التي تحرم دساتير دولها ترشيحهم في الانتخابات».
أما قول الحكم بوجود عرف لدى أفراد الأسرة، ويجوز لهم مخالفته وقت يشاؤون، فهو قول يصطدم مع أبسط المبادئ الدستورية التي تقرر أن العرف الدستوري هو المصدر الرسمي الثاني للتشريع.
4 ــــ ورداً على ما جاء في الحكم من قول إن المشرع الدستوري لو أراد حرمان أفراد الأسرة الحاكمة من الترشيح لنص على ذلك صراحة، فمردود عليه بأن المشرع الدستوري اعتبر المذكرة التفسيرية للدستور جزءاً من الدستور يسري عليها ما يسري على الدستور من أحكام وقواعد، بدليل إخضاعها لنفس إجراءات التصديق على الدستور، ويستوي بعد ذلك أن أورد الحكم بالدستور أو في مذكرته التفسيرية، أما إنه قد أختار وضع الحكم في المذكرة التفسيرية، فذلك يعود إلى رغبة المشرع الدستوري بألا تنوء الوثيقة الدستورية بأحكام تفصيلية فآثر تضمينها المذكرة التفسيرية للدستور.
5 ــــ أخيراً يلاحظ أن الحكم محل النقاش يستخدم مصطلح (المذكرة الايضاحية) بدلاً من (المذكرة التفسيرية)، بقصد القول أنها تأخذ حكم هذه المذكرات، وقد فات الحكم، أن المشرع الدستوري استخدم عبارة «المذكرة التفسيرية» وليس المذكرة الايضاحية قاصداً وعامداً تمييزها عن المذكرات الايضاحية للقوانين، والقاعدة القانونية تقول «إن اختلاف النص يؤدي إلى اختلاف الحكم».
وبذلك تنهار كل حيثيات الحكم محل النقاش لتناقضها ولمخالفتها الأحكام الدستورية المستقرة.
مفهوم الأسرة الحاكمة
شدد د. عادل الطبطبائي على أن مفهوم الأسرة الحاكمة الوارد في الدستور يشمل جميع أفراد الأسرة الكريمة، ويشملهم جميعاً الحرمان من الترشيح للانتخابات العامة، امتثالاً لما ورد من حكم ملزم بالمذكرة التفسيرية للدستور.
المذكرة التفسيرية ملزمة كأحكام الدستور
ساق د. الطبطبائي خلال دراسته العديد من الأدلة التي تؤكد إلزامية المذكرة التفسيرية للدستور، وقال ان المتعمق في دراسة أحكام النظام الدستوري الكويتي، وما ينفرد به من أحكام خاصة به اختصتها ظروف البلد السياسية والاجتماعية، يصل إلى نتيجة مؤداها، أن بعض الأحكام الدستورية المقررة، وضعت خارج نطاق النظام البرلماني، واستثنيت من أحكامه، مراعاة لهذه الظروف، ومن ذلك مبدأ حرمان أفراد الأسرة الحاكمة من حق الترشيح، وإن جاز السماح لهم عوضاً عن ذلك بتعيينهم وزراء، ومن ثم يعتبرون أعضاء في مجلس الأمة بحكم مناصبهم.
سلطات الأمير
تمسك الطبطبائي بنص المادة 55 من الدستور على أن «يباشر الأمير سلطاته بواسطة وزرائه». وقال هذا أمر منطقي تفرضه طبيعة النظام النيابي الذي يتبناه الدستور الكويتي، ومباشرة سمو الأمير سلطاته بواسطة الوزراء يحتم أن يتم ذلك بواسطة مراسيم أميرية، إذ هي الادارة الطبيعية التي تستخدم في هذا النطاق، غير أن هناك بعض الاختصاصات لا يمكن أن تباشر عن طريق المرسوم الأميري، إما لأنها تتعلق باختصاص لصيق بشخص سمو الأمير، وإما لأن رئيس مجلس الوزراء لم يعين بعد حتى يمكن له أن يوقع إلى جانب سمو الأمير ويتحمل المسؤولية عنه، وهنا لابد من أن نباشر هذه الاختصاصات عن طريق الأمر الأميري.
ولقد تكفلت المذكرة التفسيرية للدستور بتحديد الحالات التي يجوز إصدار أوامر أميرية فيها على سبيل الاستثناء، وما عدا ذلك لابد من إصدار مراسيم أميرية، إذ هي الأداة الطبيعية التي يباشر بها سمو الأمير اختصاصاته الدستورية، والحالات التي يصدر بها أمر أميري وفقاً لتحديد المذكرة التفسيرية للدستور هي:
-1 ترشيح ولي العهد.
-2 ترشيح رئيس مجلس الوزراء.
-3 تعيين نائب الأمير.
ولا شك أن لهذا التحديد أهميته الدستورية وفقاً لمفهوم النظام الدستوري الذي يتبناه الدستور الكويتي من حيث تحديد المسؤولية السياسية الناجمة عن مباشرة الاختصاص.
دلائل إلزامية المذكرة التفسيرية
أشار الطبطبائي إلى ان المشرع الدستوري الكويتي حرص على تسمية مذكرته بالمذكرة التفسيرية، ولم يقل الايضاحية تمييزاً لها عن غيرها من المذكرات، واختلاف النص يعني اختلاف الحكم حتماً.
وذكر إن بيان الوضع القانوني للمذكرة التفسيرية له أهمية قانونية كبرى، بسبب أن هذه المذكرة، إذا كانت ملزمة في حكمها، وما ورد بها، فهي تعتبر مصدراً لكثير من القواعد الدستورية المطبقة اليوم في الكويت، وهذا ما يقتضي منا أن نبرهن على إلزامية هذه المذكرة ببيان ظروف وضع المذكرة التفسيرية للدستور.
فبعد أن جرى إعداد مشروع الدستور الكويتي المقترح، ناقشه المجلس التأسيسي خلال خمس جلسات، حيث جرى إقراره، كما خصص المجلس جلستين لمناقشة وإقرار المذكرة التفسيرية المتممة لنصوص الدستور.
وهذا الموقف من المجلس التأسيسي بشأن المذكرة التفسيرية له دلالته، فقد قام بمعاملة هذه المذكرة بنفس المعاملة التي خصها للدستور، فقد قام بمناقشة أحكامها، كما ناقش أحكام الدستور، ثم وافق عليها، كما وافق على الدستور، وبذلك اختلفت طريقة إعداد المذكرة التفسيرية للدستور عن طريق إعداد بقية المذكرات الايضاحية، إذ لم يعهد عند وضع هذه المذكرات أن تخصص جلسات لمناقشتها، وأخرى للموافقة عليها، بل تعتبر عملية الموافقة دليلاً على تميز وضع المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي عن غيرها من المذكرات الايضاحية التي لا تخضع لمثل هذا الإجراء عند وضعها.
ولا يقتصر انفراد المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي بإجراءات خاصة روعيت عند وضعها على مرحلة مناقشتها والتصويت عليها من قبل المجلس التأسيسي، وإنما امتد الأمر إلى المرحلة التالية كذلك، وهي تصديق سمو الأمير على مشروع الدستور المقترح الذي يعتبر تصديقه عليه شرطاً لاكتمال عملية وضع الدستور بحكم أن الدستور الكويتي قد وضع بطريقة العقد التي يتكون أطرافها من سمو الأمير والمجلس التأسيسي، ما يتعيّن معه أن يوافق كل من هذين الطرفين على مشروع الدستور ليصبح مكتملاً، ومن ثم نافذ المفعول.
ففي هذه المرحلة التي توجب تصديق سمو الأمير على مشروع الدستور، كانت المذكرة التفسيرية للدستور مرفقة بالدستور وتحت نظر سمو الأمير وحظيت بالتصديق عليها عندما صدق على الدستور ذاته، وفي هذه المرحلة أيضاً تميّزت المذكرة التفسيرية للدستور عن غيرها من المذكرات الايضاحية التي يلزم مرورها بمرحلة المناقشة والتصويت عليها، فما بالك بمرحلة التصديق عليها؟!
ويتضح لنا من العرض السابق أن إجراءات وضع إقرار المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي تختلف عن الإجراءات التي تتبع عند وضع المذكرات التفسيرية. ولا نشك في أن هذا الاختلاف له هدفه التشريعي والمتمثل باعتبار هذه المذكرة جزءاً متمماً للدستور، لا تستقيم أحكامه من دونها. وبذلك يسقط ما ورد في الحكم من تقرير بأن المشرع الدستوري لو أراد حرمان أفراد الأسرة الحاكمة من حق الترشيح لنص على ذلك بالدستور، فالواضح أن المشرع الدستوري اعتبر المذكرة التفسيرية للدستور جزءاً من الدستور نفسه، ولا فرق إذن، في هذه الحالة أن ورد الحكم بالدستور أو مذكرته التفسيرية.
التفويض التشريعي
ضرب الطبطبائي مثلا بالمادة 50 من الدستور التي تنص على أنه «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور».
وقال ان الواضح أن هذا النص يمنع التفويض التشريعي، لكن المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي تبيح هذا الحظر بقولها «حظرت المادة نزول أي من السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور، والمقصود بصفة خاصة هو منع تنازل السلطة التشريعية عن كل اختصاصها أو بعضه للسلطة التنفيذية، بمعنى عدم جواز التنازل عن فئة من الأمور أو نوع من التشريعات أو الاختصاصات، مما يسمى تفويضاً بالسلطة، ولكن هذا النص لا يمنع السلطة التشريعية من أن تفوض الحكومة بتولي أمر معين بالذات ولظرف خاص بدلاً من أن يتولاه المشرع بالقانون، وفي هذه الحالة يبين هذا القانون بعض الجهات أو الأحكام الرئيسية التي يجب أن تلتزمها الحكومة في ممارسة هذا الحق، كما لا يتعارض نص هذه المادة مع «قوانين السلطة التامة» حيث تقتضي ضرورة استثنائية أن تعهد السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية لمواجهة أمر مهم معين في جملته، كمواجهة أزمة نقدية أو اقتصادية أو عسكرية مثلاً، وحكمة الحظر المنصوص عليه في هذه المادة الرغبة في مقاومة ما لوحظ من ميل المجالس التشريعية أحياناً إلى ترك مهمة التشريع في عدد متزايد من الأمور التنفيذية مما يمس جوهر الشعبية في أخص شيء وأقربه لصميم السيادة وهو التشريع».
ويتضح لنا من العرض السابق أن التفويض التشريعي يجد سنده في المذكرة التفسيرية للدستور.
ولقد ظهرت المراسيم التفويضية فعلاً بالكويت عام 1967 على اثر العدوان الإسرائيلي على الدول العربية في 5 يونيو، فقد طلبت الحكومة تفويضها بإصدار مراسيم لها قوة القانون في بعض الشؤون الطارئة، وكان سندها في هذا الطلب، وسند مجلس الأمة بعد ذلك عند استجابته لطلبها، ما ورد من أحكام في المذكرة التفسيرية للدستور.