أميرة بن طرف ومشاري الخلف |
احداث قضائية عدة، شهدتها انتخابات مجلس الأمة، التي تدور منافستها حاليا بين المرشحين، أثارت نقاشا قانونيا بشأنها، للمرة الأولى تقريبا، من بينها ترشح ابناء الاسرة الحاكمة، الترشح بالوكالة، احكام الشطب والإعادة وغيرها، بينما أصبحت المصطلحات القانونية اكثر تداولا بين المهتمين بالشأن الانتخابي لمتابعتها.
ودار النقاش في ديوانية القبس في المجال القانوني بين استاذ القانون العام بجامعة الكويت د. ابراهيم الحمود، ورئيس قسم القانون العام د. خليفة الحميدة، لتتقاطع اراؤهما بالاتفاق على ان المذكرة الدستورية لدستور البلاد تحمل قوة النص ذاته، معتبرين انها ملزمة شأنها شأن مواد الدستور.
وبيّن كل منهما ان منع المشرّع من ترشح ابناء الاسرة لانتخابات المجلس جاء للنأي بهم عن التجريح السياسي، بينما فرقت المذكرة بين ابناء الأسرة المالكة وابناء الأسرة الحاكمة.
وعرجا على شروط المرشحين، لافتين الى انها شروط الناخب ذاتها، مؤكدين على ضرورة ان يكون شطب المرشح الذي صدر بحقه حكم قضائي، بناء على احكام نهائية. وبيّنا انه في حال ورود طعن في انتخاب عضو ما، فإن القانون يقتضي اعادة الانتخاب في الدائرة التي يتبع لها المطعون في عضويته، بينما لا يتم حل المجلس دستوريا إلا بوقوع خطأ يشوب العملية الانتخابية ككل، مشيرين الى ان حصانة النائب مرتبطة بدور الانعقاد ولا يتمتع بها اثناء العطل بين الادوار.
وفي ما يلي نص الحوار:
● ما تعليقكم على إلغاء القضاء بعض قرارات لجنة فحص طلبات الترشح؟
ــــ الحمود: اللجنة شكلها وزير الداخلية وفقا لقانون الانتخاب الذي أعطاه الحق في ذلك، وهي تصدر قرارات إدارية في شان تسجيل المرشحين بعد مراجعة أسمائهم، وتخضع لرقابة القضاء ممثلا بالمحكمة الإدارية، التي تحكم في حال ورود القضية إليها في القرار من جميع النواحي، بما فيها ضرورة توافر أركان القرار الإداري الـ 5 من أجل أن يكون صحيحا، وهناك أسباب كثيرة تؤدي لإلغاء قراراتها لا سيما هناك نصوص لشروط الترشح في الدستور وهناك نصوص في قانون الانتخاب.
ــــ الحميدة: اللجنة مكلفة بفحص طلبات الترشح، وهي موجودة بقرار من وزير الداخلية، ومهما كان أسماء الموجودين بها وطبيعة عملهم تبقى قراراتها إدارية وتخضع لرقابة القضاء، حتى وان كان أعضاؤها من الجهاز القضائي حيث ينظر إليها كقرارات إدارية وليست أحكاما قضائية، وهناك 4 شروط دستورية يجب توافرها في المرشح، وعندما نأتي لقانون الانتخاب نجد هناك شروطا وإجراءات محددة ومفصلة، وتتخذ اللجنة قراراتها، أحيانا، بناء عليها.
أبناء الأسرة
● هل ترشح أبناء الأسرة الحاكمة مسموح دستوريا؟
ــــ الحمود: ترشح أي شيخ من أبناء الأسرة الحاكمة يعتبر مخالفا لأحكام الدستور، سواء كانوا من ذرية مبارك الكبير أو ممن ينتمون الى أسرة الصباح، ومنعهم من ذلك بناء على ما جاء بالمذكرة التفسيرية التي تعتبر ملزمة وفقا لآراء الخبراء الدستوريين، حيث صوت عليها المجلس التأسيسي، وصادق عليها الأمير الراحل عبدالله السالم والتي تم نشرها مع الدستور، وورد في المذكرة ذلك الأمر بذكر اسم الأسرة المالكة والأسرة الحاكمة، واستخدمت المصطلح مرتين في شأن ترشحهم، كونه مجلس أمة يمثل الشعب وليس مجلس أعيان، ومن الواجب إبعادهم عن التجريح السياسي وحتى تكون العملية السياسية فيها حياد، لان وجود أفراد الأسرة الحاكمة في العملية الانتخابية يخلق نوعا من الضبابية.
ــــ الحميدة: المذكرة التفسيرية أكدت عدم جواز ترشح أبناء الأسرة الحاكمة، ولم تقصر ذلك على ذرية مبارك الكبير، فما ورد فيها جاء به ذكر أبناء الأسرة المالكة والحاكمة، وليس الحال نفسه في الحكم، والذي اقتصر على أن يكون في ذرية مبارك الكبير، كما ورد في مواد الدستور، والجميع يتفق على أن المذكرة التفسيرية مكملة للدستور، وما ورد فيها ملزم، وآن الأوان لكي يقول القضاء كلمته في ذلك الأمر، ويفصل في القضية بعد سنوات طويلة من صدور الدستور والمذكرة التفسيرية بشان ترشح أبناء الأسرة.
● تتباين الآراء بشأن المذكرة التفسيرية إذ يراها البعض «ملزمة»، ويراها آخرون مكملة للدستور!
ــــ الحمود: المذكرة التفسيرية تفسيرية وليست إيضاحية كما يظن البعض، وهي ملحقة بالدستور لمزيد من تفصيل وتفسير مواده، والمجلس التأسيسي ترك لها مهمة شرح المواد المذكورة في الدستور بشكل مفصل ودقيق، وقام المجلس بالتصويت عليها كالحال مع الدستور، وأيضا صادق عليهما أمير الكويت الراحل عبدالله السالم معا، ثم تم نشرهما، والمحكمة الدستورية استندت في كثير من أحكامها على المذكرة التفسيرية، وليس على الدستور فقط، وهو ما يؤكد على الزاميتها وتبعيتها للدستور.
ــــ الحميدة: هي تتعلق بالنظام الدستوري، والقانون الدستوري يقوم على أساس فكرتين: نص صريح وما تبعه من مبدأ، وذلك ذكر في محاضر المجلس التأسيسي عندما تطرقوا للمذكرة التفسيرية التي ستوضع بعد الدستور، وهي تعتبر مذكرة تفسيرية مكملة للدستور، وشاع الاتفاق على قيمتها وتسميتها بأنها ليست مذكرة إيضاحية بل تفسيرية، وشاع الاتفاق على ذلك بين أعضاء اللجنة التي صاغتها ثم المجلس التأسيسي الذي اتفق على ذلك ثم مصادقة الأمير الراحل عبدالله السالم عليها، والفقهاء السياسيون متفقون على ذلك، وأعتقد أنه اذا تم إبعاد المذكرة التفسيرية فستكون هناك مشاكل دستورية كثيرة، وقضايا وأسئلة كثيرة لا يمكن الوصول إلى نتيجة حاسمة لها، لا سيما وأن الدستور الكويتي جاء مختصرا، في حين ساهمت المذكرة في تحديد وتوضيح أمور دستورية وقانونية كثيرة، وأصبح لنصوصها قيمة الدستور لا سيما وأنها متناسقة معه.
حالات الإبطال
● هل من الممكن حدوث إبطال للمجلس المقبل؟
ــــ الحمود: من الممكن أن يكون ذلك، أو يكون هناك حل دستوري في حال وجود اخطاء تشوب العملية الانتخابية ككل، مثل صدور مرسوم مخالف لأحكام الدستور، أو وقوع فوضى عارمة في الانتخابات، أو أن تكون اللجان المشكلة غير صحيحة، مما يترتب على ذلك البطلان، كما حدث في مجلس 2012 والذي تم إبطاله بسبب مرسوم الانتخابات.
ــــ الحميدة: يجب التفريق بين مرحلة ما قبل يوم الانتخاب ومرحلة ما بعده، فكل ما نشهده بالمرحلة الراهنة هو أقرب للشق الإداري، من حالات شطب وطعن وقرارات وغير ذلك في شان الانتخابات والمرشحين، وفي حال كان هناك طعن بعد الانتخابات فهو ممكن أن يكون خلال الـ15 يوما التي تلي يوم الانتخاب، ومن الممكن في حال إسقاط عضوية أي نائب أن تكون هناك انتخابات تكميلية، أما ما يلي الـ 15 فيكون الأمر متروكا للمجلس في شان عضوية النائب، والذي يستطيع إسقاط عضويته بقرار من المجلس في حالات معينة.
● متى يحصل نائب مجلس الأمة على حصانته؟
ــــ الحمود: الحصانة البرلمانية نوعان؛ الأولى موضوعية، وهي عن أقواله داخل المجلس وفي لجانه. والثانية إجرائية، وهي تعني عدم جواز ملاحقته إلا بإذن من مجلس الأمة، وهي التي يتمتع بها النائب خلال فترة أدوار الانعقاد، ما يعني أنه في أوقات العطل البرلمانية وعدم وجود أدوار انعقاد فان النائب ليست لديه حصانة إجرائية، ومن الممكن ملاحقته قضائيا او القبض عليه، وهناك نائب في احدى الدول عليه أحكام قضائية أصبح يأتي الى البرلمان في أوقات الانعقاد، ويسافر في أوقات العطلة البرلمانية ليحمي نفسه من الملاحقة القضائية وأداء عقوبته.
ــــ الحميدة: الحصانة تعني عدم ملاحقة النائب قضائيا والموضوعية عن أقواله في المجلس ولجانه، بينما الموضوعية مرتبطة بفترة زمنية محددة، وهي دور الانعقاد، وفي حال نجاح أي نائب عليه حكم قضائي فمن الممكن للسلطات أن تقبض عليه قبل بداية دور الانعقاد، وهي الفترة التي تلبّي إعلان نتائج الانتخابات المقبلة لحين أداء القسم البرلماني التي تبلغ أسبوعين، فحين يبدأ دور الانعقاد سيكون للنائب حصانة بعدم ملاحقته حتى إلى يونيو المقبل، وبعدها تمكن ملاحقته قضائيا ولا يتم إعفاؤه من العقوبة في ما بعد.
● وماذا عن الفرعيات التي تعدّدت مسمياتها في الفترة الأخيرة؟
ــــ الحمود: القانون جرمها، حفاظا على إرادة الأمة، ووضع المشروع عقوبات مغلظة على من يقوم بها، ونرى أن إجراءها في بعض القبائل يؤدي الى فوز مرشحي الأفخاذ الكبيرة، في حين الأفخاذ الصغيرة تحرم من المشاركة بسببها.
ــــ الحميدة: الفرعيات التي أصبحت لها مسميات كثيرة، مجرمة كما ورد في قانون الانتخاب، وهناك عقوبات تشمل الحبس أو الحبس والغرامة معاً، وهي محددة وفقا للقانون في كل من يجري انتخابات بين فئة أو طائفة واحدة قبل إجراء الانتخابات الرسمية، وبالتالي ذلك لا ينطبق على بعض التكتلات السياسية التي تنتمي الى أطراف مختلفة، وليست من فئة او طائفة واحدة، كما ورد في القانون.
الأحزاب في المذكرة التفسيرية
أكد الحميدة أن الدستور الكويتي سكت عن إنشاء الأحزاب، وترك لمجلس الأمة أن يحددها في ما بعد، فلو أن الدستور نص على شيء حول الأحزاب فمن الصعب تغييره، وليس كما هي الحال لو كان قانونا من مجلس الأمة، لافتا الى أن المذكرة التفسيرية أوردت كلمات مثل الجماعات والتكتلات السياسية، وابتعدت عن ذكر كلمة الأحزاب، ولم تحدد أي شيء ملزم أو ثابت بشأنها بالإقرار أو المنع وتركت المجال مفتوحا بشأنها، وبالتالي فالمجال مفتوح للمجلس لأن يصدر قرارا فيها.
الترشّح بالوكالة
أشار الحمود الى ان الحقوق السياسية الممثلة في الترشح والانتخاب تعتبر من أنواع الحريات، وهي تتبع الحريات السياسية والفكرية، ومن الواجب أن تمارس من الإنسان ذاته، ولا يمكن أن يوكّل بها أحداً غيره، فلا يمكن توكيل مواطن لأن يعبّر عن رأي مواطن آخر، والتوكيل المسموح به للمرشح ما ورد في القانون بشأن إمكانية التوكيل بالكتابة لشخص آخر في التواجد بقاعات الانتخاب.